ما فائدته، فهو ديوان العرب وسجل أحسابهم وانسابهم وأيامهم ومستودع
حكمتهم وبلاغتهم، قال عنه الجرجاني أنه: " فيه الحق والصدق والحكمة وفصل
الخطاب، وأنه مجنى ثمر العقول والألباب، ومجتمع فرق الآداب، والذي قيد على
الناس المعاني الشريفة، وأفادهم الفوائد الجليلة، وترسل بين الماضي
والغابر، ينقل مكارم الأخلاق إلى الولد من الوالد، ويؤدي ودائع الشرف عن
الغائب إلى الشاهد، حتى ترى به آثار الماضيين مخلدة في الباقين، وعقول
الأولين مردودة في الآخرين، وترى لكل من رام الادب وابتغى الشرف وطلب محاسن
القول و الفعل منارا مرفوعا، وعلما منصوبا، وهاديا مرشدا، ومعلما مسددا،
وتجد فيه للنائي عن طلب المآثر والزاهد في اكتساب المحامد داعِياً
ومُحَرِّضاً، وَلاعِثاً وَمُحَضِّضاً، وَمُذَكِّراً وَمُعَرِّفاً،
وَواعِظاً وَمُثَقِّفاً".
وقال عنه المظفر بن الفضل: " أما الشعرُ فإنه ديوان الأدب، وفخر العرب،
وبه تُضرَب الأمثال، ويفتَخِر الرّجالُ على الرجال، وهو قيدُ المناقبِ
ونظامُ المحاسنِ، ولولاهُ لضاعَتْ جواهرُ الحِكَم، وانتثرت نجومُ الشّرَفِ،
وتهدّمتْ مباني الفضل، وأقوَتْ مرابِعُ المجدِ، وانطمسَتْ أعلامُ الكرمِ،
ودرَستْ آثارُ النِّعَم. شرَفُه مخلّدٌ، وسُؤدُدُه مجدّدٌ، تَفْنى العصورُ
وذِكرُه باقٍ، وتهوي الجبالُ وفخرُه الى السماء راقٍ، ليس لما أثْبَتَه
ماحٍ، ولا لمَن أعذَرَه لاحٍ".
وقال معاوية رضى الله عنه: يجب على الرجل تأديب ولده، والشعر أعلى مراتب
الأدب وقال: اجعلوا الشعر أكبر همكم، وأكثر دأبكم، فلقد رأيتني ليلة
الهرير بصفين وقد أتيت بفرس أغر محجل بعيد البطن من الأرض، وأنا أريد الهرب
لشدة البلوى فما حملني على الإقامة إلا أبيات عمرو بن الإطنابة:
أبت لي همتي وأبى بلائي |
|
| وأخذي الحمد بالثمن الربيح |
وإقحامي على المكروه نفسي |
|
| وضربي هامة البطل المشيح |
وقولي كلما جشأت وجاشت |
|
| مكانك تحمدي أو تستريحي |
لأدفع عن مآثر صالحات |
|
| وأحمي بعد عن عرض صحيح |