تاريخ بداية إنجازه
كان
منطلق التفكير في هذا المشروع سنة 1967 عندما لاحظ المسؤولون آنذاك تسارع
زحف الرمال نحو الشمال بنسبة مذهلة مهددا الأراضي الخصبة القليلة التي كانت
تستغل في الزراعة والتي لم تسلم بدورها من همجية الاستعمار، حيث عكف
الاحتلال في استراتيجيته التدميرية على القضاء على كل ما هو أخضر في
المنطقة لحاجيات ’’الحرب’’•
أهداف أخرى كان يهدف إليها هذا المشروع
تتمثل أساسا في تشجير حزام طولي مساحته 3 ملايين هكتار، يمتد من الحدود
الشرقية إلى الغربية بعمق 20 كلم ويعبر عدة ولايات أهمها الجلفة، باتنة،
خنشلة، المسيلة، البيض، الأغواط، سعيدة، النعامة، وهذا بصدد إعادة التوازن
الإيكولوجي وحماية الغطاء النباتي الموجود، ولا يمكن فصل الأهداف الطبيعية
عن الاجتماعية، حيث كان المراد منه أيضا القضاء على البطالة والعزلة التي
كان يعيشها غالبية سكان تلك المناطق•
وانطلق المشروع فعليا سنة 1970
بغرس أولى أشجار الصنوبر الحلبي، حيث وضع حينها الرئيس الراحل هواري بومدين
على عاتق أفراد الجيش الوطني الشعبي الفتي مسؤولية السهر على إنجاز هذا
المشروع العملاق، حيث جنّد له أكثر من 20 ألف جندي تداولوا على فترات في
غرس كميات هائلة من الشجيرات، كما ساهمت عمليات التطوع التي كان يقوم بها
أفراد من المجتمع المدني في الإسراع من وتيرة الغرس• وقد حقق هؤلاء إنجازا
معتبرا بفعل تشجير ما مقداره 500 ألف هكتار•
لكن مع بداية
التسعينيات، أي في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد، برز إشكال عويص كلما حاول
المسؤولون دراسة وضعية هذا المشروع، ويتمثل في هل قام المشروع على دراسات
ميدانية وعلمية؟ للأسف لا، مثلما يؤكده العديد من الأخصائيين، من بينهم
مدير مديرية الغابات، وفي هذا الصدد يقول ’’بداية المشروع عرف افتقارا
لدراسات تقنية لمدى ملاءمة النباتات المراد غرسها•• هذا النقص هو أكثر ما
يعاب على بداية المشروع الذي لم يرفق بدراسات تقنية وعلمية، النقص يمكن أن
يفهم لافتقار الجزائر، ربما في تلك الفترة لخبراء متمرسين، فلا يجب أن ننسى
أن انطلاق المشروع كان بعد ثماني سنوات فقط من الاستقلال’’• وأضاف ذات
المسؤول قائلا ’’تم المشروع على عدة مراحل وإن كانت المرحلة الأولى تمتد من
1970 إلى 1980 التي عرفت بداية عمليات الغرس المكثف، فكانت الثانية
الممتدة من 1981 إلى 1991 مرحلة تصحيح أخطاء المرحلة الأولى على قاعدة
التقارير الكمية والنوعية، ومن أهم ما جاء فيها هو اقتسام دور تسيير
المشروع بين شباب الخدمة الوطنية ومصالح الغابات، وتم إقرار تنويع النباتات
التي يتم غرسها، حيث انتهت عهدة الصنوبر الحلبي وتم إقحام عشرات الأنواع
من النباتات محلية ودخيلة عن المنطقة، منها شجيرات ونباتات من أمريكا’’•
500ألف
هكتار فقط من أصل ثلاثة ملايينبداية التسعينات يمكن القول
عنها، أنها كانت بداية نهاية المشروع، كما أريد له أن يكون في سنوات
السبعينيات، وتجسّد هذا الأمر أولا عن تخلي مصالح وزارة الدفاع عن المشروع،
سواء من ناحية التسيير أو الإنجاز، وأسندت المهمة لمصالح الغابات، التي
تحولت فيما بعد إلى مديرية الغابات المنضوية تحت لواء وزارة الفلاحة•
وكانت
سنوات التسعينيات خاصة في نهاية بداية التحول المشروع من السد الأخضر،
المتمثل في شريط أشجار عازل بين الشمال والجنوب، إلى استراتيجية جديدة
تتمثل في العناية بمساحات من خلال إعادة بعث الاخضرار فيها والأهم الحياة،
وتتركز هذه المساحات في المناطق السهبية، أين تم تحديد سنة 1997 حوالي 7
ملايين هكتار منطقة سهبية يجب إعادة تأهيلها عن طريق الغرس وإعادة بعث
الحياة، فيقول السيد ملوحي ’’ليس الأهم الغرس، بل يجب إعادة بعث الحياة في
هذه المناطق فتواجد الإنسان كفيل على أن يعزز ما يتم القيام به، ظهور
مساكن، إقامة أعمدة الكهرباء، ظهور نشاط متواصل هو العامل الأساسي على
المحافظة على ما يتم إنجازه في إطار المخطط الجديد الذي تبنّته الحكومة ليس
كبديل للسد الأخضر، وإنما كدراسة تتلاءم أكثر مع الواقع، تستند إلى معطيات
تقنية، علمية وميدانية• غير أن سبعة ملايين هكتار بالمناطق السهبية، التي
تقرر العناية بها سنة 1997 لم يتم تأهيل وغرس منها سوى ثلاثة ملايين،
لماذا؟ على هذا السؤال يرد مسؤول مديرية الغابات ’’كل شيء مرتبط
بالإمكانيات المادية المسخرة، لكن نعتبر أنه يمكن خلال الأربع سنوات
المقبلة العناية بالأربعة ملايين هكتار المتبقية’’•
خصائص السد الأخضر وفوائدهالسد
الأخضر وهو المشروع الذي أطلق سنة 1970 للحد من تقدم الرمال نحو الشمال
الخصب طوله 1700 كيلومتر على عمق تجاوز في بعض الأحيان 20 كيلومتر كان لهذا
السد دور في نشوء 400 قرية نموذجية جديدة والحد من هجوم الصحراء على
المناطق الحضرية. و مباشرة بعد الاستقلال، التشجير كان واحدا من أولويات
الطوارئ وذلك لتجديد الغابات الميراث تدريبا مكثفا الضرر أثناء حرب
التحرير•
و من خصائص السد الأخضر
أ*-
المناخ: يساهم
السد الأخضر في الحد من تقدم الصحراء الكبرى، حيث ترتفع الحرارة فيها
وتحدها سلسلة جبلية تفصل الشمال عن الجنوب.
عموما، هناك فصلان فقط في
المنطقة حرارة الصيف وبرد الشتاء. تتراوح درجات الحرارة في الشتاء بين 1.8
و1.9 درجة مئوية وبذلك الصيف يتراوح بين 33.1 و37.6 درجة مئوية، بينما
قياسات المطر ضعيفة نظرا لقربها من شبه القاحلة (مناخ جاف).
ب-
النباتات:
الغطاء النباتي الذي يعكس طبيعتها وخصائصها من حيث المناخ وأقل درجة من
تلك الأرض•
هناك نوعان من النباتات في السد الأخضر :
-
النباتات
الغابية: البلوط الأخضر (Quercus ilex) وشجرة الفستق من الأطلس
(Pistacia atlantica) والأشجار البرية المستحلب (Ziziphus lotus).
-
النباتات
الرعوية: تتألف عادة من الحلفاء الذي يستغل لصناعة الورق•
ت-
الأرض:
خصائص الأرض من السد الأخضر ملخصه على النحو التالي: ذات عمق لا يتجاوز
أحيانا 60 سم، ارتفاع كمية من الحجر الجيري النشط•
كمية صغيرة من المواد
العضوية الأساسية• درجة الحموضة (أعلى من 7.5) هذه الخصائص دعم تآكل
الأرض•
بعض النتائج المتحصل عليها في
بعض الولايات
أصبح السد الأخضر في ولاية الجلفة مهددا
بالزوال، رغم أن الولاية كانت تشكل أهم ولاية يشملها المشروع منذ انطلاقته
في 1974 التي تم غرس فيها 30580 هكتار.
فعشرات الآلاف من الأشجار التي
تم غرسها من طرف أفراد الجيش في المرحلة الأولى من 1974 حتى 1984 بمنطقة
تعظميت على امتداد عرضه ما بين 5 و20 كلم وطول 50 كلم أصابها الإتلاف
والقطع الفوضوي وأخرى لا أثر لها بسبب انعدام الحراسة والسقي• أما المرحلة
الثانية من 1984 حتى 1990 فعرفت نجاحا نسبيا بعد الإتفاق المبرم بين الجيش
ومديرية الغابات، إذ أوكلت الدراسة التقنية والمتابعة للمصالح الغابية
وعملية التشجير لأفراد الجيش مع إعادة التشجير بمناطق أخرى التي أصابها
اليبس والإتلاف، حيث توسعت العملية لتشمل موقعين في بلدية مليليحة وآخر
ببلدية عين معبد امتدادا إلى غابات للجلال والسحاري القبلي مع مراعاة مناخ
كل منطقة ونوعية البذور، حيث تم في هذا الإطار تشجير 30580 هكتارا• وأشير
أن ولاية الجلفة تتوفر على مساحة غابية تقدر بأزيد من 208 ألف هكتار أي
بنسبة 6.47 بالمائة من المساحة الإجمالية•
من جهة أخرى، هناك من يرى
أن 500 ألف هكتار التي تم غرسها، تمثل المساحة المصنفة في خانة الأولويات،
’’ضمن الثلاثة ملايين هكتار الأصلية، لا يجب أن ننسى أن هناك مساحات
صخرية، كثبان رملية، لا يصلح فيها شيء، وتمثل مساحة 500 ألف هكتار المنجزة،
أهم ما في المشروع وهي كانت من الأوليات ’’••يكفي النظر إلى المسيلة التي
تحولت إلى غابات، ويمكن القول أن نسبة نجاح المشروع بلغت 60 بالمائة’’•
الجفاف
يأتي على ما تبقى من السد بباتنةفي باتنة كان السد الأخضر
إلى حماية ما يقارب نصف مليون هكتار من أراضي بلديات الجنوب والجنوب الغربي
لولاية باتنة، أي ما يقارب أقاليم 19 بلدية، وهو المشروع، الذي لم يحقق
أهدافه وفق ما خطط له، فأجزاء منه اندثرت بمجرد الانتهاء من غرس الأشجار
بفعل اختيار نباتات وشجيرات غير ملائمة، إضافة إلى عدم صيانة ومتابعة ما تم
تشجيره بصورة جدية حتى أن هناك أماكن تعرضت لإبادة كل ما تم غرسه بسبب
الرعي غير القانوني في غياب أي رقابة سواء من طرف المجموعات المحلية أو
المؤسسات المشرفة على المشروع•
ويلاحظ بالمحيطات الغابية ببلديات نقاوس و
رأس العيون وعين جاسر أن البلديات المجاورة بولاية سطيف تعرف موت آلاف
الشجيرات إما لإصابتها بأمراض طفيلية أو بسبب الإهمال أو الجفاف وحتى
الحرائق ومن الإهمال تحولت مساحات إلى أماكن لرمي القمامة• ورغم تدعيم
وتوسيع مشروع السد الأخضر بباتنة بتسجيل مشروع يحتوي على 5 أنشطة بتشجير 10
آلاف هكتار و التحسين الرعوي 3 آلاف هكتار وفتح عشرات المئات من المسالك،
إلا أن سنوات الجفاف قد أتت على أجزاء منه، ناهيك عن إهمال عنصر الصيانة
بسبب الظروف الأمنية ببعض المناطق• وتأثّر محيط السد الأخضر بسنوات الجفاف
في نهاية التسعينيات و الألفية الجديدة، مما جعل التصحر يهدّد 30 ألف هكتار
من الأراضي الرعوية سنويا وخاصة بالبلديات الواقعة جنوب غرب إقليم الولاية
ببريكة ونقاوس ورأس العيون والجزار، ناهيك عن ضعف الدراسات التقنية
ومتابعة المشاريع بدقة•